رحلة الأرنب لومي إلى مدينة الألوان - الجزء الثالث

post-title

بعد عبور الجسر، واصل لومي وفارو السير حتى وصلا إلى مدخل غابة كثيفة، جذوع أشجارها ملتوية كأنها أذرع تحاول الإمساك بالمارين، وأوراقها الداكنة تحجب ضوء الشمس، تاركة المكان في شبه ظلام. كانت الرياح هنا مختلفة، تحمل معها همسات خافتة لا يفهمان كلماتها، لكنها تثير القشعريرة. قال فارو وهو يحدق في الداخل: "هذه غابة الهمسات. سمعت عنها كثيرًا، لكنها لم تكن في طريقي من قبل." سأل لومي بقلق: "ولماذا يسمونها بهذا الاسم؟" أجابه فارو وهو يشد وشاحه: "يقال إن الأشجار هنا تتحدث، لكنها لا تقول الحقيقة دائمًا." دخل الاثنان بحذر، وكل خطوة فوق الأرض المبللة تصدر صوتًا مكتومًا. الهمسات ازدادت وضوحًا، وكأنها موجهة إليهما: "ارجعوا... لا تكملوا... الطريق خطير..." توقف لومي للحظة وقال: "هل سمعت هذا؟" ابتسم فارو بخفة: "سمعت. لكن لا تصدق كل ما يقال هنا." بينما كانا يسيران، رأى لومي فجأة على يساره ضوءًا ملونًا يتراقص بين الأشجار، وكأنه شظية من مدينة الألوان. جذب فارو من ذراعه وقال: "لا تذهب، إنه خداع." لكن لومي، مدفوعًا بفضوله، اقترب بضع خطوات. فجأة، انغلق الطريق خلفه بفروع كثيفة، ولم يعد يرى فارو. أخذ الهمس يزداد حدة: "تعال... الألوان بانتظارك... فقط خطوة أخرى." تردد لومي، ثم سمع من بعيد صوت فارو يناديه: "لومي! لا تستمع، عد إلي!" كان صوته يحمل قلقًا حقيقيًا، مختلفًا عن أي خداع. جمع لومي شجاعته، واستدار مبتعدًا عن الضوء، فبدأت الأشجار تتراجع، والفروع تنفتح. ظهر فارو من بين الظلال، وعيناه فيهما مزيج من الغضب والارتياح. قال: "لقد كدت أن تضيع، هذه الغابة تختبرنا." تنهد لومي: "كنت أظن أنني أستطيع تمييز الحقيقة." ابتسم فارو قليلًا وقال: "أحيانًا، الثقة ليست فيما نراه، بل فيمن يسير بجانبنا." تابعا السير حتى وصلا إلى طرف الغابة، حيث ظهرت تلال بعيدة، تتلألأ عليها نقاط صغيرة من الألوان، كأنها تلمح لهما بما ينتظرهما. لكن لومي لم يكن يعلم أن التلال تحمل خطرًا أكبر مما واجهه حتى الآن.

الكلمات المفتاحية:

كاتبة وحالمة، تركت روتين الحياة اليومية لأبحث عن القصص التي تُلهم وتُشفي وتُطلق الخيال.
مشاهدة جميع المنشورات (27)