لامس سامر سطح الصندوق بأصابعه المرتجفة، فاهتز غطاؤه كأن شيئًا داخله قد استشعر حضوره. "لا تفتح..." تردد الصوت مرة أخرى، لكنه هذه المرة لم يكن مجرد تحذير — بل توسّل، كأن الكيان ذاته خائف من أن يُفتح الصندوق. لكن سامر، وقد تملّكه الفضول كالعطش، تجاهل التحذير، وسحب السلاسل بقوة. صدأها انكسر بصوت أجش، وتبعثر غبار السنين في هواء القبو البارد. فتح الغطاء ببطء... وكان أول ما شاهده هو مرآة صغيرة، دائرية، عتيقة، ذات إطار فضي ملتوٍ كأنه صُهر ثم جُمد فجأة. انحنى ليرى نفسه... لكنه لم يرَ صورته. بل رأى القبو ذاته... لكن في زمن مختلف. الإضاءة صفراء، الجدران نظيفة، ورجل عجوز يقف في الزاوية، يهمس بالكلمات نفسها: "لا تفتح... لا تفتح..." شهق سامر، وأغلق الغطاء بسرعة، فتلاشى المشهد من ذهنه كما لو كان حلمًا ثقيلًا. وقبل أن ينهض، لمح شيئًا على الأرض، كُتب بالدم الجاف: "المرآة هي المفتاح. ولكن لأي باب؟"
همسات القبو - الجزء الثاني
