الأنوار انطفأت. سكونٌ ثقيل خيّم على السجن، كأن الزمن توقف. سليم كان مستيقظًا، يعد الثواني. في جيبه، القطعة القماشية التي خيطها بعناية تخفي شفرة صغيرة. لا يعرف لمن قد يحتاجها، لكن قلبه أخبره أن الليلة ليست كسابقاتها. خرج بصمت، كما كُتب له. الممر مظلم، والحراس غائبون بشكل مريب. وصل إلى المستودع. الباب الخلفي كان مفتوحًا. كأن أحدهم ينتظره. دخل بخطوات مترددة. الظلام أعمى، لكنه أحس بوجود شخص... أو أكثر. وفجأة، أُضيء المكان. دائرة من المصابيح تسلط الضوء عليه. كان الحارس العجوز في المنتصف، يبتسم. "ظننت أنك ستهرب؟" قالها ببرود. لكن لم يكن وحده... خلفه، ظهر الرجل الغريب الذي أعطاه الورقة. وتبعه سجينان آخران... ثم، الصدمة: الرجل الغريب خلع قبعته... وكان نسخة طبق الأصل من سليم. كأنهما توأمان. قال الرجل: "لقد أخذت مكاني منذ سنوات… وأنا جئت أستعيده." سليم تراجع، أنفاسه تتسارع، الدم يطرق أذنيه. "من أنت؟!" أجابه الآخر: "أنا أنت. أو من كنت ستصبح… لو لم تخن." انقضّ عليه الرجال الثلاثة، لكن سليم قاتلهم بشراسة. استخدم الشفرة، دماء على الجدران، صراخ، صمت، ركض، ثم... ركض في ممرات لا تنتهي، حتى وصل للبوابة الخارجية. البوابة مفتوحة. لا أحد هناك. خرج إلى الهواء الطلق لأول مرة منذ سنوات. تنفّس. لكن في السماء… لم تكن هناك نجوم. فقط سواد. وفي الأفق… سمع صفارة إنذار. السجن لم يكن خلفه. بل حوله. كان في سجنٍ آخر. أكبر. بلا جدران.
الهروب من الجحيم - الجزء الرابع
