جهاز النبوءة - الجزء الرابع (الأخير)

post-title

بدأت أصوات المدينة تتلاشى في رأس سامر. حمل الجهاز بين يديه كما لو كان يحمل طفلاً يحتضر. النبضات الخضراء الخافتة على الشاشة تحاكي نبض قلبه المضطرب. مرّت لحظات من الصمت الثقيل، قبل أن يسمع صوتًا خلفه. استدار ليرى نور. "عرفت أنك ستأتي إلى هنا"، قالت بنبرة هادئة ولكن عيناها ممتلئتان بالدموع. "هل... هل كنتِ تعلمين؟"، سأل بصوت مبحوح. أومأت برأسها. "منذ البداية. لم يكن الجهاز وسيلة لرؤية المستقبل. كان مفتاحًا لبوابة تُعيد ترتيب الزمن ذاته." تقدّمت نحوه، وضعت يدها على الجهاز، وقالت: "مروان لم يختف، لقد تم محوه من الجدول الزمني لأنه حاول تغيير مساره." شعر سامر بدوار. "إذن... إذا استخدمتُ الجهاز الآن، ماذا سيحدث لي؟" "يعتمد على نيتك. إن حاولت استخدامه من أجل فهم الحقيقة، فربما تعود الأمور كما كانت. أما إذا حاولت السيطرة على الزمن... فسيبتلعك كما ابتلع مروان." أغمض عينيه. ارتفعت أنفاسه. وفي لحظة خاطفة، ضغط على الزر الأحمر. *** انفجرت ومضات من الضوء في عقله. رأى والده حيًّا، والدته تضحك، مروان يشرح له نظريات الزمن، ونور تصرخ باسمه. اختلطت الأزمنة، وتشابكت اللحظات. فجأة، كل شيء سكن. وجد نفسه واقفًا في الشارع ذاته، ولكن العالم كان مختلفًا. لا ضجيج سيارات، لا بشر. المدينة خاوية. سار نحو منزله، فوجده كما هو. دخل، فوجد صورة عائلية على الطاولة. ولكنه لم يكن فيها. أدار رأسه، وإذا به يرى نفسه الآخر، يقف مبتسمًا، يرتدي ملابس غريبة. "هل أعدت تشكيل الزمن؟"، سأل الصوت الجديد. "من أنت؟"، قال سامر. "أنا أنت... في الجدول الزمني الجديد. أنت اخترت التضحية. لذلك، تم مسح وجودك لتحيا نسختي في سلام." "وهل كان يستحق؟" "لا أحد يعلم. لكنك أنقذت الآخرين." قبل أن يرد، بدأ الضوء يتلاشى، وسمع صدى صوته الأخير: "لا نبوءة، بل خيار." *** في عالم آخر، جلست نور أمام الحاسوب، تشاهد فيديو قديم لسامر يشرح نظرية الزمن، وتبكي. لا أحد يتذكره، إلا هي. فقد كان جهاز النبوءة مجرد وسيلة... ليختار الإنسان مصيره.

الكلمات المفتاحية:

كاتبة وحالمة، تركت روتين الحياة اليومية لأبحث عن القصص التي تُلهم وتُشفي وتُطلق الخيال.
مشاهدة جميع المنشورات (27)